تشهد حركة النهضة منذ تاريخ 25 جويلية حالة من السكون والعزلة التي ازدادت خاصة بعد تطور حالة الانشقاق في صفوفها وتصدع الأوضاع داخلها.
فقد قرر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة، حسب نص البيان الصادر عن الحركة. كما أجرى الغنوشي تعديلا على تركيبة المكتب التنفيذي للحزب بتقليص أعضائه من 40 إلى 19 عضوا مع إدخال تحويرات في بعض المهام.
ويأتي قرار الغنوشي على خلفية تضارب المواقف في صفوف أعضاء المكتب التنفيذي ووجود الموقف ونقيضه من قيادات الحركة، أمر لم يعجب الغنوشي في ظل تزايد الانتقادات الغاضبة منه في الإعلام على لسان عدد من قياديي النهضة .
تصدعات وانشقاقات داخل حركة النهضة
وفي حدثيه لـ “تونيزيا باض“، اعتبر المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن ازمة حركة النهضة تجاوزت الأزمة الداخلية وأصبحت أزمة علائقية قائلا: “إن علاقتها بجمهورها اهتزت بعد الأحداث نتيجة الأخطاء الكبرى التي بدأت تعترف بها “.
وفي رده عن سؤالنا حول ثلاثة أخطاء كبرى قامت بها الحركة، اشار الجورشي إلى حرصها الشديد على اقتحام مجال السلطة والحكم دون برامج حقيقية تساعد التونسيين على إنقاذ البلاد ما أثر على مصداقيتها.
أما الخطأ الثاني، حسب الجورشي، فيتمثل في عدم تجديد القيادة التي فشلت في حماية الحركة وقت الازمات قائلا: “للأسف بقي الغنوشي رئيسا للحركة ما أدى تدريجيا إلى تعميق الأزمة داخليا.ويتمثل الخطأ الثالث في نوعية التحالفات التي دخلت فيها الحركة التي خلقت ردود فعل قوية في صفوف الحركة وعلى المستوى الخارجي.
ويشار إلى أن الحملة الانتخابية لحركة النهضة كانت مبنية على مقاومة الفساد، وبصدور النتائج دخلت الحركة في تحالف مع حزب قلب تونس الذي يواجه عدد من قيادتها وعلى رأسهم رئيس الحزب نبيل القروي تهما بالفساد وتبيبض أموال.
“الغنوشي تحول إلى ديكتاتور كامل الأوصاف”
من جهته، قال القيادي في حركة النهضة عماد الحمامي في تصريحات إعلامية إن رئيس الحركة راشد الغنوشي تحول إلى “ديكتاتور كامل الأوصاف”. واعتبره “انتهى سياسيا” داعيا إلى ضرورة قطع النهضة مع الإسلام السياسي وضرورة تحولها إلى حزب مدني يخدم التونسيين. تصريحات دفعت بالغنوشي إلى تجميد عضوية الحمامي في المكتب التنفيذي قبل إعلان حل المكتب.
وفي تعليقه على تحميل عدد كبير من قيادات النهضة راشد الغنوشي مسؤولية الأزمة التي تتخبط فيها الحركة، قال المحلل السياسي : “إن قضية تجديد القيادة مهمة جدا في تطور الحركات أو موتها خاصة لحركة ذات خلفية دينية إسلامية”.
واضاف أنه بقدر ما تكون الحركة قادرة على تحقيق مكاسب بقدر ما تتحصل على مزيد من الشرعية ولكن عندما يفقد ناخبوها الثقة فيها فهذا عنصر يؤدي إلى زعزعة الأوضاع داخلها، وهو الحال مع مواصلة الغنوشي ترؤس النهضة.
وكانت حركة النهضة شكلت لجنة لإدارة الأزمة والبحث عن حلول وتفاهمات تجنب البلاد الأسوأ وتعيد الوضع المؤسساتي إلى طبيعته. وجاءت خطوة النهضة بتشكيل اللجنة عقب دعوة نواب تابعين لها مؤخرا إلى ضرورة الاعتراف بارتكاب أخطاء من قبل قياداته ، لكن رئيس الحركة لم يعترف بأخطائه رسميا ولم يعتذر من القاعدة الشعبية للحركة أو من الشعب على حجم الخسائر الفادحة التي كلفتها الحركة للبلاد.
وفي ظل البدء في التفكير في تكوين جبهة سياسية بين عدد من الأحزاب وتواصل الحوار بين مختلف الفاعلين في تونس ، تبقى الحركة في عزلة دون حوار مع أي طرف بما في ظلك المنظمات الوطنية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل.