عينان دامعتان، رأس مطأطإ وحالة نفسية منهارة.. تلك هي الصورة التي ظهر بها مدير مستشفى محلي في ماطر من ولاية بنزرت في فيديو تداوله رواد التواصل الاجتماعي في تونس منذ منتصف شهر جويلية الماضي. ويظهر الفيديو بكاء مدير المستشفى وتوجهه بصيحة فزع للجهات المعنية بسبب حالة العجز التام التي وصل إليها المستشفى الذي أصبح غير قادر على العناية بمصابي كوفيد لقلة الإمكانيات والنقص الفادح على مستوى مادة الأوكسجين.
وأثار الفيديو حالة غضب في صفوف التونسيين خاصة أنه نشر على إثر صيحة فزع أخرى توجهت بها الناطقة الرسمية باسم وزارة الصحة الدكتورة نصاف بن علية في تصريحها باكية لإذاعة موزاييك “لقد انهارت المنظومة الصحية في تونس”، تصريح كان كافيا لتداوله في عناوين الصحف الكبرى عالميا.
وأمام تدهور الحالة الصحية الوبائية في تونس وتسجيل معدل وفيات يكاد يفوق الـ 100 حالة يوميا، تدخلت مؤسسة رئاسة الجمهورية على الخط وقامت بتنشيط الديبلوماسية لجلب أكبر قدر ممكن من المساعدات من مختلف دول العالم. ولا تزال المساعدات العربية والدولية تتدفق على تونس لدعمها في الحرب ضد كورونا ومساعدتها على تجنب كارثة صحية.
وحلّت أمس بمطار تونس قرطاج الدولي طائرتان محملتان بكميات من الأكسجين وآلات تنفس اصطناعي ومكثفات أكسجين وتجهيزات للإنعاش والعناية المركّزة ممنوحة من قبل دولة الإمارات العربية المتّحدة لدعم جهود تونس في مواجهة جائحة كوفيد-19.
وخلال حضورها موكب تسلم المعدات والمستلزمات الطبية، قالت مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة إنه سيتم استعمالها في المستشفيات الجهوية بكامل تراب الجمهورية بالتنسيق مع الإدارة العامة للصحة العسكرية ووزارة الصحة. وفي تصريح تم نشره على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، توجهت عكاشة بشكر مؤسسة الرئاسة التونسية لدولة الإمارات قيادة وشعبا لتخصيصها تونس بهذه المساعدات القيمة التي هي في حاجة إليها في هذا الوضع الصحي الدقيق، حسب مديرة الديوان الرئاسي.
لا تخوفات من مآل المساعدات..
من جهته، ثمن بدر الدين القمودي النائب بالبرلمان ورئيس لجنة مكافحة الفساد والإصلاح الإداري في مجلس النواب حجم المساعدات التي وصلت إلى تونس بشكل محترم من مختلف دول العالم على مستوى الكمية والآجال بمسعى من الديبلوماسية التونسية.
وأكد رئيس لجنة مكافحة الفساد البرلمانية أنه لا يوجد أي تخوف من مآل هذه المساعدات التي تخضع تحت رقابة رئاسة الجمهورية ومؤسسة الجيش الوطني.
وأكد القمودي أنه أمام تدهور الأزمة الصحية في تونس التي أصبحت محور حديث الإعلام، تدخلت عديد الدول لمساعدة تونس كرد اعتبار لها ورد فعل على ما قامت به تونس تاريخيا في علاقة بمختلف دول العالم، قائلا :”نحن مدينون لكل دولة قدمت مساعدات لتونس تحت عنوان الواجب الإنساني الذي حرك مختلف الدول لمساعدة بلادنا”.
و باتصالنا بالحبيب وشام مدير المستشفى المحلي في ماطر من ولاية بنزرت ، أكد أن الوضع في المستشفى مستقر وكل شيء متوفر وأنه لا يوجد ضغط على الاسرة.
وثمن وشّام حجم المساعدات التي وصلت المستشفى سواء من وزارة الصحة أو من طرف مواطنين ومنظمات المجتمع المدني بتونس، مضيفا: “للمساعدات الوطنية والدولية دور كبير في التصدي لوباء كورونا، فالوضع اليوم بالبلاد صعب على جميع المستويات صحيا واقتصاديا واجتماعيا ما يعني أن كل مساعدة لها قيمة مضافة حتى عل مستوى الراحة النفسية للمريض الذي سيجد ما يحتاجه للعلاج”.
وعن حالة الانهيار التي ظهر فيها في الفيديو، قال مدير المستشفى: “أكررها لمرة أخرى كانت لحظة انسانية صادقة، لم تكن تمثيلا او اتفاقا مع أي كان… هي ناتجة فقط عن حالة نفسية عادية، وأنا كمدير مستشفى يمكن أن أرى أمي أو أي فرد من عائلتي في نفس الوضعية ولذلك انفجرت”.
ومع تدهور الحالة الوبائية بالبلاد والضغط على أسرة الإنعاش والنقص في مادة الأوكسجين، تقوم الإدارة العامة للصحة العسكرية ووزارة الصحة ومختلف الأطراف المعنية تحت إشراف رئاسة الجمهورية بمجهودات كبيرة التسريع في نسق تلقيح كورونا خاصة مع وصول كميات كبيرة من التلاقيح في إطار مساعدات من مختلف الدول.