إحتفلت تونس في العشرين من شهر مارس الفارط، بالذكرى الخامسة والستين لتاريخ استقلالها عن المستعمر الفرنسي الذي منح لتونس استقلالها التامّ سنة 1956.
إستقلال داخلي تبعه الإستقلال التامّ..
كانت فرنسا قد وعدت الحزب الدستوري الجديد بمنح الإستقلال لتونس سنة 1952، غير أنّها عدلت عن قرارها، ليتسبّب ذلك في اندلاع ثورة مسلّحة من قبل التونسيين.
وإثر الثورة التونسية المسلّحة، رضخت فرنسا سنة 1955 إلى المفاوضات، التي أفضت فقط إلى إقرار حكومة منداس فرانس بالإستقلال الداخلي لتونس.
أمّا سنة 1956، فقد كان رسميا الإستقلال التامّ لتونس، وهو قرار شهد بعض المعارضة لليمين المتطرّف وأنصار الإمبريالية الفرنسية.
الحرب الباردة أنهكت فرنسا..
ساهمت الحرب العالمية الثانية بشكل كبير، في تحقيق تونس لاستقلالها التامّ، خاصّة وأنّ الحرب كانت قد أنهكت القوى الفرنسية.
وقد ضعفت القوة الإستعمارية الفرنسية على غرار ما حصل مع القوة الإنجليزية، ليستغلّ الحزب الدستوري الجديد الظرفية العالمية، ويقوم بدعم موقفه حول النقاط الولسنية خاصة حق الشعوب في تقرير مصيرها.
كما أدّى سقوط حكومة منداس فرانس، إلى مطالبة فرنسا بمراجعة الإتّفاقيات تجاه الإستقلال التامّ، لتسفر المفاوضات الجديدة عن بروتوكول الإستقلال في 20 مارس 1956.
وتجدر الإشارة، إلى أنّ الحرب العالمية الثانية إتّسمت بالبرودة فعُرف عنها إسم “الحرب الباردة”، وقد كانت مندلعة من سنة 1939إلى غاية سنة 1945.
“الفلاّقة” في قيادة المقاومة المسلّحة
عرفت تونس في فترة الإستعمار الفرنسي، بروز عدد من المقاتلين الذين لُقّبوا بـ “الفلاّقة”، وقاموا بقيادة المقاومة المسلّحة.
وقد برزت المقاومة المسلّحة بين سنتي 1952 و1954، حيث تشكّلت من مجموعات صغيرة ناهضة القوة الإستعمارية خاصّة في جهتي الجنوب و الغرب التونسي.
ويذكر، أنّ من أهمّ “الفلاّقة” الذين برزوا خلال قيادة المعارك أمام المستعمر الفرنسي، كان الساسي لسود و لزهر الشرايطي.
الحراك الوطني التونسي ومراحله الثلاث..
إمتدّ الحراك الوطني التونسي ضدّ الاحتلال الفرنسي، على ثلاثة مراحل:
كانت المرحلة الأولى بقيادة “حركة الشباب التونسي” وامتدّت بين سنتي 1907و 1918، حيث طالبت الحركة بتصعيد الموقف التونسي في ظلّ تعنّت الحكومة الموالية لفرنسا.
أمّا المرحلة الثانية فقد كانت بقيادة “الحزب الدستوري الحرّ” وامتدّت بين سنتي 1919 و 1952، والتي شهدت تصادما بين متاظهرين تونسيين والقوّات الفرنسية.
وقد قامت فرنسا بتلك المرحلة، بمحاكمة المناضل التونسي علي البلهوان، لينظّم إثرها الحزب الدستوري الحرّ مظاهرات أمام قصر العدالة في التاسع من شهر أفريل سنة 1938.
وتجدر الإشارة، إلى أنّ القوّات الفرنسية قامت بإطلاق النار على المتظاهرين، حيث تسبّب ذلك في استشهاد عدد منهم وإصابة آخرين، إضافة إلى اعتقل عدد من المتظاهرين وعلى رأسهم الحبيب بورقيبة.
وبالنسبة للمرحلة الثالثة، فقد عُرفت بمرحلة “النضال من أجل السيادة والإستقلال”، حيث انطلقت منذ سنة 1952 لتتواصل إلى غاية سنة 1956.
الحزب الدستوري يراسل الحكومة الفرنسية..
قامت عدد من المنظمات الوطنية التونسية وعلى رأسهم الحزب الدستوري الحرّ، بمراسلة الحكومة الفرنسية.
وقد تمثّلت المراسلة المبعوثة إلى الحكومة الفرنسية، في برقية احتجاج على ممارسات فرنسا تجاه التونسيين في السادس عشر من شهر ديسمبر سنة 1951.
ويشار إلى أنّ برقية الإحتجاج لم تأت أُكلها، حيث أنّ السلطات الفرنسية قامت بقمع المظاهرات، ليؤدّى ذلك إلى لجوء التونسيين إلى الكفاح المسلّح.
إصلاحات القضاء وتوحيده
إثر بلوغهم لهدفهم الأسمى حينها وهو تحقيق الإستقلال التامّ، بدأ التونسيّون في السعي نحو بناء الدولة الحديثة بإصلاحات في مجالات عدّة.
وقد تمّت عدّة إصلاحات في مجال القضاء الذي كان مختلطا بين الفرنسيين والتونسيين، ووقع توحيده بعد أن كان مشتّتا بين محاكم شرعية وأخرى مدنية.
كما تمّت إعادة هيكلة المحاكم بحذف البعض منها، وإحداث أصناف جديدة من المحاكم، إلى جانب تطوير التشريعات بإصدار مجموعة هامّة من القوانين.
تونس من سيطرة حكم العثمانيين إلى الإستعمار الفرنسي..
كانت تونس قابعة تحت حكم الدولة العثمانية منذ القرن السادس عشر، حيث تعرّضت للإحتلال العثماني لتصبح جزءا من أراضيه مع الإبقاء على تمتّعها باستقلالها الداخلي.
ويذكر أنّ تونس ظلّت تحت سيادة الدولة العثمانية، إلى غاية عام 1881، قبل أن تدخلها فرنسا تحت شمّاعة الحماية.
وقد قامت فرنسا بتوقيع اتّفاقية مع محمد الصادق باي في الثاني عشر من شهر ماي سنة 1881، أدّت إلى فرض فرنسا لحمايتها على تونس.
كما قامت فرنسا بتوقيع معاهدة أخرى مع محمد الصادق باي في الثامن من شهر جوان سنة 1883، حيث حملت إسم “إتّفاقية المرسى”، والتي بموجبها أصبحت فرنسا آنذاك مسؤولة عن إدارة الشؤون الداخلية لتونس.
منذ الإستقلال إلى الآن.. 5 رؤساء حكموا تونس
منذ أن افتكّت تونس استقلالها التامّ سنة 1956، شهدت تتالي عدّة أسماء حكموها، حيث قادها إلى غاية الآن 5 رؤساء جمهورية (دون احتساب فؤاد المبزّع الذي كان منصبه مؤقّتا لحين انتخاب رئيس جديد بعد ثورة 2011)، وهم:
– الرئيس الحبيب بورقيبة: تمّ تعيينه من قبل البرلمان في 25 جويلية سنة 1957، إلى أن وقع انتخابه كرئيس شرعي للبلاد، وتحصّل على 91% من أصوات الناخبين حيث كان المترشّح الوحيد.
– الرئيس زين العابدين بن علي: تولّى منصب الرئاسة إلى انقلابه على الحبيب بورقيبة، في السابع من شهر نوفمبر سنة 1987.
وقد كان بن علي وزيرا للداخلية ورئيسا لمجلس الوزراء في عهد الرئيس بورقيبة، قبل أن يعزله ويحلّ محلّه في رئاسة الجمهورية.
– الرئيس فؤاد المبزّع: وقع تعيينه في البداية من قبل المجلس الدستوري يوم 15 جانفي سنة 2011، بموجب المادّة 57 من الدستور التونسي، إلى أن يتمّ انتخاب رئيس جديد للبلاد.
– الرئيس منصف المرزوقي: حاز على منصب رئيس الجمهورية، إثر انتخابه من قبل المجلس الوطني التأسيسي في 12 ديسمبر سنة 2011.
– الرئيس الباجي قائد السبسي: ظفر السبسي بمنصب رئيس الجمهورية في 21 ديسمبر سنة 2014، وهو يُعتبر أوّل رئيس منتخب عن طريق الإقتراع العمومي من بعد ثورة 2011، وظلّ في منصبه إلى غاية يوم وفاته في 25 جويلية سنة 2019.
– الرئيس قيس سعيّد: أصبح رئيسا للجمهورية يوم 23 أكتوبر سنة 2019، إثر انتخابه مباشرة من الشعب، وهو سياسي وأستاذ جامعي مختصّ في القانون الدستوري، وستنتهي ولايته بعد 5 سنوات من انتخابه.